News | فريق الأمارات يوليو 19, 2021

اللحظات السبع المذهلة

سبع لحظات تألق فيها تادي بوجاتشار ليضمن الفوز في جولة فرنسا

في شهر سبتمبر الماضي، اعتلى دراج في ريعان مسيرته الرياضية ومن فريق جديد نسبياً، منصة التتويج في أشهر سباق للدراجات في العالم، جولة فرنسا، ليحتفل باحتلاله صدارة التصنيف العام وفوزه في الجولة التي تم تصنيفها لاحقاً كإحدى أكثر سباقات الدراجات إثارة في تاريخ الرياضة.

إنه تادي بوجاتشار، نجم فريق الإمارات.

شهدت حياة بوجاتشار تغييرات جذرية منذ ذلك اليوم، أبرزها ارتقاء مكانته بين الدراجين المحترفين. فقد كان يُنظر إلى تادي كنجم صاعد يتمتع بالقوة واللياقة، يتألق في سباقات السرعة ويرتقي إلى مستوى المنافسة في سباقات التسلق، كما أنه يقدم أداء مذهلاً في السباقات ضد الزمن، وربما يصبح منافساً محتملاً في جولة فرنسا في المستقبل. لكن أحداً لم يتوقع أن يدخل تاريخ الجولة مبكراً إلى أن قدّم أداءه المذهل في المرحلة ما قبل الأخيرة من جولة فرنسا 2020، والذي مكّنه من تحقيق الفوز في الجولة.

في تلك المرحلة، انطلق تادي في أداء مذهل تغلب فيه على حامل اللقب بريموز روجليك بفارق 57 ثانية، ليفوز بالمركز الأول في سباق أسطوري ضد الزمن على مسار بطول 36كم في منطقة “لا بلونش دي بيل في”، وليلمع اسمه في سجل رياضة الدراجات كمتنافس بارز وأحد أفضل الدراجين في العالم.

وإذا كان الفوز في جولة فرنسا في ضربة واحدة يعدّ أمراً صعباً، فإن الفوز في جولة ثانية بعد عام واحد، وأمام أنظار العالم أجمع، يكاد يكون ضرباً من المستحيل.

لكن تادي متخصص في تحقيق المستحيل! حيث تمكن النجم السلوفيني البالغ من العمر 22 عاماً، بدعم من زملائه السبعة وجميع العاملين في الفريق من مدربين وأطباء وطباخين وسائقين وميكانيكيين، من تحقيق الفوز من جديد والاحتفاظ بلقب بطل جولة فرنسا للعام الثاني على التوالي.

إليكم اللحظات السبع المذهلة التي تمكن تادي بفضلها من تحقيق الفوز والدفاع عن اللقب:

الحوادث التي شهدها السباق

تعد الحوادث جزءاً متأصلاً من طبيعة رياضة الدراجات، وكانت لجولة فرنسا هذا العام حصة كبيرة من الحوادث في الأسبوع الأول، انطلاقاً من المرحلة الافتتاحية التي تخللها حادثان كبيران أسفرا عن سقوط أغلب الدراجين في المجموعة الرئيسية، وتسببا في التأثير في صحة العديد من الدراجين المتنافسين على التصنيف العام. ولم تغب الحوادث عن المرحلة الثانية، إلا أن مركز بوجاتشار وموقعه ضمن المجموعة الرئيسية مكّنه من تجنب الانقسامات التي سببتها، لتنتهي المرحلة بفوزه بالمركز الثاني.

وبفضل فوزه في المرحلة الثانية، صعد تادي إلى المركز الثاني في التصنيف العام، بفارق ضئيل عن منافسه ماثيو فان دير بول الذي احتل الصدارة مرتدياً القميص الأصفر.

ولم تختلف ظروف المرحلة الثالثة، حيث شهدت سباقاً فوضوياً وعدداً من الحوادث. وعلى الرغم من أن بوجاتشار تمكن من تجنب السقوط، إلا أن مركزه تأثر بالحادث وأنهى السباق متأخراً بفارق 26 ثانية عن المجموعة المتقدمة، ما أدى إلى خسارته الكثير من الزمن وتراجعه في التصنيف العام أمام منافسيه. ومع ذلك، تعرض بريموز روجليك (فريق جامبو-فيزما) إلى حادث أدى إلى سقوطه، ما تسبّب بتراجعه لأكثر من دقيقة. ونتيجة الإصابات التي تعرض لها، أعلن بريموز، الذي يمثل أكبر تهديد لتادي، انسحابه من الجولة. وبعد انتهاء السباق، كان بوجاتشار يحتل المركز السادس في التصنيف العام، بفارق 39 ثانية عن الدراج المتصدر.

السباق ضد الزمن

شهدت المرحلة الخامسة أول سباق ضد الزمن في جولة فرنسا، وأقيم على مسار بطول 27كم انطلاقاً من تشانجي وصولاً إلى لافال. وبعد أربعة أيام من المراحل التي انتهت بسباقات السرعة، أصبحت الأنظار مسلطة على الدراجين المتنافسين على التصنيف العام، ولاسيما بوجاتشار الذي تألق بين الجميع.

كان أداء تادي في هذه المرحلة مذهلاً، حيث تمكن الدراج اليافع من انتزاع الفوز في السباق، محققاً متوسط سرعة بلغ 51كم في الساعة، لينهي السباق خلال 32 دقيقة، متقدماً على منافسه ستشيفان كونغ (غروبما إف دي جاي)، بطل أوروبا للسباقات ضد الزمن، بفارق 18 ثانية. وعلى الرغم من أن هذا الفوز لم يعزز مركزه ليحتل صدارة التصنيف العام، إلا أنه أثبت نفسه كأحد أقوى الدراجين في الجولة، وقلص الفارق بينه وبين منافسه فان دير بول الذي يحتل صدارة التصنيف العام إلى 8 ثوان فقط.

العمل الجماعيa

أقيمت المرحلة السابعة على مسار شاق بطول 249كم، وشهدت تشكل مجموعة منفصلة. ومع ذلك، لم يكن لأحد أن يتخيل أداء قوياً كالذي شهده السباق، حيث انطلقت مجموعة متقدمة تضمنت المتنافسين على التصنيف العام، وهم فان دير بول الذي يحتل الصدارة وفينشينزو نيبالي (تريك-سيغافريدو) وسايمون ييتس (فريق بايك إكستشينج)، إلى جانب 26 دراجاً آخرين، تمكنوا في النهاية من توسيع الفارق بينهم وبين المجموعة الرئيسية إلى أكثر من 6 دقائق.

في تلك اللحظات، كان الجميع يدرك أن دراجي فريق الإمارات في حاجة إلى بذل قصارى جهودهم لتقليص الفارق، وهذا ما تمكّن من تحقيقه جميع الدراجين في تشكيلة فريق الإمارات: ميكيل بيرغ، ومارك هيرشي، ورافال مايكا، وروي كوستا، وديفيد فورمولو، وبراندون ماكنالتي، وفيغارد ستيك لاينغن؛ حيث انطلق كل منهم بأقصى طاقته لتقليص الفارق وضمان بقاء زميلهم بوجاتشار في مركز يمكّنه من التنافس على التنصيف العام حين وصولهم إلى المراحل الجبلية.

لو غران بورنار

على الرغم من أن ديلان تيونز (فريق البحرين فيكتوريوس) كان الفائز في المرحلة الثامنة من جولة فرنسا، إلا أن هذه المرحلة ستظل حاضرة لسنوات في أذهان الجميع بسبب الأداء المذهل الذي قدمه تادي بوجاتشار. ففي أولى المراحل الجبلية في الجولة، تمكن حامل لقب جولة فرنسا من الهيمنة على السباق والتقدم بفارق أكثر من 3 دقائق عن منافسيه على التصنيف العام، حيث انطلق في أداء هجومي متجاوزاً المجموعة الرئيسية ومحاولاً الوصول إلى المجموعة المتقدمة في الكيلومترات الأربعة الأخيرة من مسافة التسلق النهائية.

وجاء انطلاقه الهجومي في أعقاب أداء مذهل من زملائه في الفريق روي كوستا وبراندون ماكنالتي وديفيد فورمولو، حيث سيطروا على وتيرة السباق على مسافات التسلق، ما مكّن بوجاتشار من الانطلاق بسرعة عالية لم يتمكن الآخرون من مجاراتها.

وأخيراً فاز تادي بالمركز الثالث في السباق، ما مكنه من احتلال صدارة التصنيف العام بفارق 4 دقائق و38 ثانية عن أقرب منافسيه، لينتزع القميص الأصفر مجدداً قبل 13 مرحلة من اختتام الجولة في الشانزليزيه.

عزيمة وإرادة

بعد الجهود الهائلة التي بذلها بوجاتشار في مرحلة لو غران بورنار، شكك الكثيرون في قدرته على خوض سباق اليوم التالي بلياقة عالية واستعادة طاقته بسرعة، إلا أنه واصل مفاجأة الجميع في المرحلة التاسعة التي انتهت بسباق جبلي في بلدة تيني. فعلى الرغم من أن الدراج بين أوكونر (فريق إيه جي تو آر سيترن) فاز في السباق وكاد أن ينتزع القميص الأصفر، إلا أن تادي أثبت من جديد أنه أحد أقوى الدراجين في الجولة، حيث حافظ على مركزه ضد هجمات منافسه ريتشارد كاراباز (فريق إينيوس غريناديير) قبل 4كم من خط النهاية، وواصل التقدم لتقليص الفارق بينه وبين منافسه أوكونر.

في النهاية حل بوجاتشار في المركز السادس، بفارق 6 دقائق وثانيتين عن الدراج الفائز. إلا أنه ظل متقدماً بفارق أكثر من 5 دقائق عن منافسيه في التصنيف العام.

لكل جواد كبوة

دخلت المرحلة الحادية عشرة من الجولة تاريخ رياضة الدراجات، حيث تضمنت اجتياز المجموعة الرئيسية لجبل فينتو الهائل وتسلقه مرتين خلال السباق. وقد ظهرت في هذه المرحلة نقطة الضعف الوحيدة لدى تادي بوجاتشار خلال الجولة التي استمرت لثلاثة أسابيع.

ومع اقتراب المجموعة المتقدمة المتنافسة على التصنيف العام من قمة جبل فينتو للمرة الثانية، انطلق الدنماركي الشاب يوناس فينغيغارد (فريق جامبو-فيزما) في أداء هجومي مباغت، ما أحدث انقساماً في المجموعة وتسبب بمأزق لعدد من الدراجين. وتمكن تادي من اللحاق بمنافسه يوناس وصولاً إلى الكيلومتر الأخير من السباق، إلا أنه تراجع أخيراً أمام سرعة منافسه الذي انطلق متقدماً نحو خط النهاية.

ومع ذلك، أثبت بوجاتشار تمتعه بخبرة واسعة، حيث انتظر وصول منافسيه ريغوبرتو أوران (إي إف إديوكيشن نيبو) وريتشارد كاراباز (إينيوس) ليعملوا معاً كثلاثي لتقليص الفارق مع فينغيغارد.

فوز مضاعف

عندما يهيمن دراج على جولة كبرى في وقت مبكر، يكون خطر انتزاع الفوز منه حاضراً حتى الأسبوع الأخير. ومع ذلك، كان بوجاتشار قادراً على مواجهة هذه الأخطار، والحفاظ على الصدارة التي وصلها بجدارة، والدفاع عن لقبه بطلاً لجولة فرنسا 2021، بعد أن حقق فوزين متتالين في المرحلتين السابعة عشرة والثامنة عشرة من الجولة.

وبفضل فوزه في مسافة التسلق النهائية في كول دول بورتيه (المرحلة 17) ولوز أرديدن (المرحلة 18)، حظي بوجاتشار بفرصة إكمال الجولة باستراتيجية دفاعية، والسماح لمنافسيه بالانطلاق في محاولات لتقليص الفارق فيما بينهم. لكن الفوز بلقب الجولة والاحتفاظ بالقميص الأصفر ظل هاجس تادي الأساسي.

وخاض تادي هاتين المرحلتين بالأسلوب نفسه تقريباً، حيث حاول الوصول بسلاسة إلى القمة في الكيلومترات الأخيرة من السباق. وشهد كلا السباقين تنافس ثلاثة دراجين على المركز الأول، هم بوجاتشار وكاراباز وفينغيغارد، وتمكن الدراج الأقوى من الفوز في كلا السباقين.

وبعد قيادة دراجته لأكثر من 71 ساعة و26 دقيقة و27 ثانية خلال جولة فرنسا لهذا العام، حقق تادي حلمه الدائم من جديد، وتمكن من الفوز بالقميص الأصفر، وهو حلم صعب المنال لا تحققه إلا نخبة من الدراجين. وفي اليوم التالي، وبأسلوبه المميز والأنيق، واصل بوجاتشار تقديم أداء مذهل يضاف إلى سجله الحافل.

كيف ينظر تادي إلى أدائه وتجربته في الجولة؟

“أنا سعيد جداً. لم أكن لأتمكن من تحقيق هذا الفوز لولا دعم زملائي في الفريق، فقد كان أداؤهم رائعاً في هذه الجولة، وأنا فخور بانتمائي إلى هذا الفريق المذهل. شهدت الجولة العديد من اللحظات المميزة، لكن فوزي في مرحلة كول دي بورتيه كان اللحظة المفضلة بالنسبة إليّ.

كانت الجولة مختلفة هذا العام بعض الشيء، حيث شاركت في عدد أكبر من السباقات أكثر مرتدياً القميص الأصفر، وكنت تحت وطأة التزامات إعلامية عديدة، إلا أن القيادة دراجتي في السباقات لم تكن كذلك، حيث شاركت في كل سباق بطاقتي الكاملة، وبذلت قصارى جهودي في كل مرحلة. لطالما كنت واثقاً من قدرتي على تحقيق الفوز من جديد، وحافظت على تركيزي طوال الجولة. أما الآن، فأرغب في الاسترخاء والاستمتاع بلحظات الفوز”.